سحر ما فات

أجلس على أرضية "بلكونة"
بين "الكتاكيت" التي ربتها جدتي
لم أستطع تعليمهم أي شيء..وتعلمت منهم كل شيء


الله أكبر ..الله أكبر.. حي على الصلاة..حي على الفلاح
أذن المؤذن بصلاة المغرب
ولم تأت أمي لأخذي من بيت جدتي
وأنا أنتظرها جالسة على كرسي جدتي في "البلكونة"
أبحث عن وجهها بين السائرين
وتعدني جدتي..مرة أخرى.. أن أمي سوف تأتي
بعد آذان العشاء
ولم تأتي أمي
كما فعلت ما جميع الصلاوات التي فاتت
حتى مع إنتظاري لها ..جالسة على الكرسي
وأنام في حضن جدتي
أغرق في رائحتها..التي لن أنساها أبدا
أنام
و أحلم آلا تنساني أمي غدا


أنا وبنت خالتي
كنا نسير
كل منا يحمل يد من أيادي حقيبة جدتي الممتلئة
وتسير بجوارنا جدتي في السوق
تشتري لنا الزينة..
والحلوي..والعسل..واللبن..والفراخ..والملوخية
وتعدنا بأشياء أخرى
سوف تأتي بها
من دنيا الأحلام


وتزوجت بنت خالتي
ولازلت أتذكر كيف كنا نسير جنبا إلى جنب
حاملين الحقيبة لها
نخطو في دنيا الأحلام
ننسى ثقل الحقيبة

وماتت جدتي
وأتذكرها جالسة بجانب البلكونة
تطعم الكتاكيت
وتستمع إلى أذان المغرب
رحم الله الجميع
ورحمني معهم

الشيء ما

لم أتصور للحظة..حتى في أدق لحظات عقلي جنونا

أنني سوف أكتب عنك مرة "غبية" أخرى

ذلك ال "شيء ما" جعلني أكتب ثانية

لا أصدق تلك الفرحة الطفولية أنك سوف تأتي

وكأن ذلك الشريط بدء يعمل ثانية..بالألوان

أعلم..أني لو انتظرتك في ساحة الانتظار

بعد وصول طائرتك

لن نجري نصارع اللوح الزجاجي الذي يفصلنا ونحدث ذلك الصخب المعهود بضحكاتنا..حتى نتقابل

وتلمع عيوننا لتغطي الدنيا....وأصوات أهلنا وهما يشيرون إلينا ويضحكون معنا

اعلم أنني سوف انتظرك في ذات الساحة.. في حرقة الشمس

حتى تصل

فتبتسم تلك الابتسامة الجارحة بهدوئها

وتلك النظرة الموجعة ..بصمتها

وتُسلم على غيري

أعلم أن السنوات مضت

الألوان ..والأشكال..والأصوات اختلفت

ولكن لماذا لم يختلف ذلك ال" شيء ما" داخلي

ذلك الذي جعلني أقابل من تحب..بكل فرحة وشوق

وأرحب بها ..كأخت طال غيابها

وأدافع عنها أمام الجميع

وأوّلهم نفسي

وأشجعك أن ترتبط بها

وآلا تغضب منها أبدا

وآلا تتركها

لا تتركها

فأنا لا أطيق ذلك العذاب على غيري

حتى لو كانت هي

مجنونة أنا

ذلك ال "شيء ما"

الغبي

الذي يجعلني أسامحك..وأفرح لسعادتك

وأدعو لك بظهر الغيب ..وظهر العلن

وأتجاهل عذاب نفسي عندما تفعل كل شيء من أجلها

وأنك لم تفعل أي شيء ..مهما كان ..من أجلي

وكيف تحارب الجميع وتقنعهم بها

وأنت الذي أقنعتني أنك لم تقتنع بي

لعن الله ذلك ال "شيء ما" الذي لا أفهمه

ولكن يفهمني

ويتملكني