Thursday, May 29, 2008

الواقع


جلست على احد تلك المقاعد فى محطة الترام القريبة من منزلى انتظر الحافلة التى تقلنى الى كليتى..وضعت بجانبى حقيبتى وكتبى...ونظرت حولى ..كل شىء لم يختلف.. وجهت نظرى لاعلى ..انها الساعة المعلقة اعلى مبنى المحطة..انها الثامنة صباحا. ابتعدت عن مكانى قليلا لانى.وجدت العاملين فى المحطة قد جلسوا بجانبى يتحاورون ويضحكون..وهم يستمعوا الى الاذاعة اجبارا منهم لجميع رواد المحطة ان يستمعوا معهم..ابتسمت لسماع تلك الاغنية القديمة..اغنية تدعوا للحب والتفاؤل بصوت ذلك المطرب القديم المحبب..اخذوا يتبادلون اكواب الشاى ويحتسونها بكل لذة واستمتاع..
نظرت امامى ..انها المقاعد القديمة التى جلسنا عليها سويا .سنوات من عمرنا مضت ونحن نجلس على تلك المقاعد التى تنتصب امامى فى الناحية الاخرى من المحطة..اخذت انظر اليها لا احول نظرى عنها..اترجاها ان تنطق..تحدثى عن الايام التى لم انساها ولن انساها. واحتاج اليها لتعود وتعيد لى حياتى التى سلبت منى.وجدت فتيات قد ارتدوا الزى المدرسى قد جاءوا وجلسوا على تلك المقاعد ووضعوا حقائبهن الممتلئة بجانبهن واخذن يضحكن ويتحدثن ..وانا هنا بمفردى..حتى حديثى مع المقاعد قد قطع وكأن كل شىء يعلن لى انه قد جاء من احتل مكاننا..نظرت للمقاعد نظرة عتاب..لن تجدى مثلنا ابداا..لا يغرك الزى المدرسى و لا الحقائب ولا الاحاديث المعتادة عن المدرسين والدروس..لن تجدى مثلنا ..ولن تجدى مثل قلوبنا..تلاشت من عينى صورة تلك الفتيات ووجدت ثلاث فتيات قد جئن وجلسن مكانهن ..ووضعوا حقائبهن بجانبهن واخذن يضحكن ..اخرجت واحدة منهن منديلا من حقيبتها للاخرى واخذن يضحكن على لونه..واخرجوا هدايا من حقائبهن..ظننت انه لمناسبة تخص احدهن عيد مولدها مثلا ..ولكنى تذكرت..انه عيد الحب..ابتسمت ..ورايتهن يضحكن فجاة ..ومر امامى فتى يرتدى هو الأخر قميص مدرسى لونه ازرق. ويحمل حقيبته المدرسية على كتفه الايمن.ابتسم لاحداهن..ووقف هو ايضا ..ينظر اليهن تارة وينظر حوله تارة اخرى..ويتابدلن الابتسامات الرقيقة الطاهرة
تلك الوجوه مالوفة..وتلك الاحداث محبوبة..وانطلق رنين هاتفى الخلوى..وميزت صوت نغمة الرنين..انه هو..ورفعت الهاتف الى اذنى لاتصل به..ورفعت معه نظرى..وجدت الفتات قد مضوا وجاء مكانهن فى نظرى تلك الفتيات الاتى قطعن حديثى للمقاعد..واختفى الفتى الهادىء..ومضت معه احلامى وذكرياتى..
وجاءت الحافلة وقالت لى صديقى ((هيا لقد تاخرنا على المحاضرة..)) وقفت وحملت حقيبتى وكتبى.. وانطلقت معها للحافلة..ونظرت من نافذتها على المقاعد لعلى ارى الثلاث فتيات مرة اخرى..


ملحوظة:

من أتصل بي..كان هو نفسه الفتى ذو القميص الأزرق


12\5\2005

5 comments:

Anonymous said...

short but wonderful!
bs feha 7ozn momte3!!!
bgd enty ensana fanana

maha said...
This comment has been removed by the author.
maha said...

تمضي الايام ولا تموت الذكريات ،تمضي الحياة وتسير بنا الي بعييد ولكن شيء فينا يجلبنا الي هنا ك الي حيث نتنتمي .....
انا احدي بطلات هذه القصة التي هي واقع يعيش في عقل تلك الفتيات قد يبدو اننا تغيرنا وان الحياة انستنا الكثير مما مضي ولكن هناك اشياء تبقي في القلوب مهما حدث ...
فتلك الفتيات يبقين هنا يعشن فينا طالما عشنا نحن فنحن نعيش ونحمل ذكرياتنا معنا .أتتذكرين وعد تلك الفتيات حينما وعدوا بعضهم ان يقصوا ذكرياتهم تلك الذكريات لاولادهم وانا اعلم انه ان اراد الله سيوفون بوعدهم هذا طالما يحملن في قلوبهم مثل تلك الحكايات والايام

أحمد الديب said...

نظرت للمقاعد نظرة عتاب..لن تجدى مثلنا ابدا


الله عليكي
بجد جميلة أوسكار وايلد
:)

Omnia said...

:) شكرا يا احمد..ده بس من ذوقك مش أكتر

3any..

Alex..., Egypt
عادى زى أى بنت فى الدنيا..بحلم..وبحب..وبخاف..وبتجن..وبسامح..وبعيط..وبتنطط..وبصاحب..وبفارق..لكن عمرى ماكذب :)